الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.تفسير الآيات (4- 5): {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى اءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}{وَفِى الأرض قِطَعٌ} جملة مستأنفة مشتملة على طائفة أخرى من الآيات أي في الأرض بقاع كثيرة مختلفة في الأوصاف فمن طيبة منبتة ومن سبخة لا تنبت ومن رخوة ومن صلبة ومن صالحة للزرع لا للشجر ومن صالحة للشجرء لا للزرع إلى غير ذلك {متجاورات} أي متلاصقة والمقصود الأخبار بتفاوت أجزاء الأرض المتلاصقة على الوجه الذي علمت وهذا هو المأثور عن الأكثرين، وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أن المعنى وفي الأرض قرى قريب بعضها من بعض، وأخرج عن الحسن انه فسر ذلك بالاهواز. وفارس. والكوفة. والبصرة، ومن هنا قيل في الآية اكتفاء على حد {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: 81] والمراد قطع متجاورات وغير متجاورات، وفي بعض المصاحف {قِطَعٌ متجاورات} بالنصب أي وجعل في الأرض قطعًا {وجنات} أي بساتين كثيرة {مّنْ أعناب} أي من أشجار الكرم {وَزَرْعٌ} من كل نوع من أنواع الحبوب، وافراده لمراعاة أصله حيث كان مصدرًا، ولعل تقديم ذكر الجنات عليه مع كونه عمود المعاش لما أن في صنعة الأعناب مما يبهر العقول ما لا يخفى، ولو لم يكن فيها إلا أنها مياه متجمدة في ظروف رقيقة حتى أن منها شفافًا لا يحجب البصر عن إدراك ما في جوفه لكفي؛ ومن هنا جاء في بعض الأخبار القدسية أتكفرون بي وأنا خالق العنب. وفي إرشاد العقل السليم تعليل ذلك بظهور حال الجنن في اختلافها ومباينتها لسائرها ورسوخ ذلك فيها، وتأخير قوله تعالى: {وَنَخِيلٌ} لئلا يقع بينها وبين صفتها وهي قوله تعالى: {صنوان وَنَخِيلٌ صنوان} فاصلة أو يطول الفصل بين المتعاطفين، وصنوان جمع صنو وهو الفرع الذي يجمعه وآخر أصل واحد وأصله المثل، ومنه قيل: للعم صنو، وكثر الصاد في الجمع كالمفرد هو اللغة المشهورة وبها قرأ الجمهور، ولغة تميم وقيس {صنوان} بالضم كذئب وذؤبان وبذلك قرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما. والسلمى. وابن مصرف، ونقله الجعبري في شرح الشاطبية عن حفص.وقرأ الحسن. وقتادة بالفتح، وهو على ذلك اسم جمع كالسعدان لا جمع تكسير لأنه ليس من أبنيته، وقرأ الحسن {جنات} بالنصب عطفًا عند بعض على {زَوْجَيْنِ} مفعول {جَعَلَ} و{وَمِن كُلّ الثمرات} [الرعد: 3] حينئذ حال مقدمة لا صلة {جَعَلَ} لفساد المعنى عليه أي جعل فيها زوجين حال كونه من كل الثمرات وجنات من أعناب، ولا يجب هنا تقييد العطوف بقيد المعطوف عليه.وزعم بعضهم أن العطف على {رَوَاسِىَ} وقال أبو حيان: الأولى اضمار فعل لبعد ما بين المتعاطفين أو بالجر عطفًا على {كُلّ الثمرات} على أن يكون هو مفعولًا بزيادة {مِنْ} في الإثبات و{زَوْجَيْنِ اثنين} حالا منه، والتقدير وجعل فيها من كل الثمرات حال كونها صنفين، فلعل عدم نظم قوله تعالى: {وَمِنَ الأرض قِطَعٌ متجاورات} في هذا السلك من أن اختصاص كل من تلك القطع بما لها من الأحوال والصفات حض خلق الخالق الحكيم جلت قدرته حين مد الأرض ودحاها على ما قيل الإيماء إلى كون تلك الأحوال صفات راسخة لتلك القطع.وقرأ جمع من السبعة {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ} بالجر على أن العطف على {أعناب} وهو كما في الكشف من باب متقلدًا سيفًا ورمحًا أو المراد أن في الجنات فرجًا مزروعة بين الأشجار وإلا فلا يقال للمزرعة وحدها جنة وهذا أحسن منظرًا وأنزه. وادعى أبو حيان أن في جعل الجنة من الأعناب تجوزًا لأن الجنة في الحقيقة هي الأرض التي فيها الأعناب {يسقى} أي ما ذكر من القطع والجنات والزرع والنخيل وقرأ أكثر السبعة بالتأنيث مراعاة للفظ؛ وهي قراءة الحسن. وأبي جعفر، قيل: والأول أوفق قام بيان اتحاد الكل في حالة السقي {اء واحد} لا اختلاف في طبعه سواء كان السقي من ماء: الأمطار أو من ماء الأنهار، وقيل: إن الثاني أوفق بقوله سبحانه: {وَنُفَضّلُ} أي مع وجود أسباب التشابه حض قدرتنا وإحساننا {بَعْضَهَا على بَعْضٍ} آخر منها {فِى الاكل} لمكان التأنيث، وأمال فتحة القاف حمزة، والكسائي، والأكل بضم الهمزة والكاف وجاء تسكينها ما يؤكل، وهو هنا الثمر والحب، وقول بعضهم: أي في الثمر شكلًا وقدرًا ورائحة وطعمًا من باب التغليب، وقرأ حمزة. والكسائي {يفضل} بالياء على بناء الفاعل ردًا على {وَمَن يُدَبّرُ} و{بفصل} و{إِذْ يغشى} وقرأ يحيى بن يعمر وهو أول من نقط المصحف. وأبو حيوة. والحلبى عن عبد الوارث بالياء على بناء المفعول ورفع {بَعْضَهَا} وفيه ما لا يخفى من الفخامة والدلالة على أن عدم احتمال استناد الفعل إلى فاعل آخر معن عن بناء الفعل للفاعل {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي فصل من أحوال القطع وغيرها {لايات} كثيرة عظيمة باهرة {لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يعملون على قضية عقولهم فإن من عقل هاتيك الأحوال العجيبة وخروج الثمار المختلفة في الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك القطع المتباينة المتلاصقة مع اتحاد ما تسقى به بل وسائر أسباب نموها لا يتلعثم في الجزم بأن لذلك صانعًا حكيمًا قادرًا مدبرًا لها لا يعجزه شيء، وقيل: المراد أن من عقل ذلك لا يتوقف في الجزم بأن من قدر على إبداع ما ذكر قادر على إعادة ما أبداه بل هي أهون في القياس ولعل ما ذكرناه أولى. ثم إنالأحوال وإن كانت هي الآيات أنفسها لا أنها فيها إلا أنها قد جردت عنها أمثالها مبالغة في كونه آية ففي تجريدية مثلها في قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ} [فصلت: 28] على المشهور. وجوز أن يكون المشار إليه الأحوال الكلية، والآيات افرادها الحادثة شيئًا فشيئًا في الأزمنة وآحادها الواقعة في الأقطار والأمكنة المشاهدة لأهلها ففي على معناها؛ ومنهم من فسر الآيات بالدلالات لتبقى في على ذلك وهو كما ترى، وحيث كانت دلالة هذه الأحوال على مدلولاتها أظهر مما سبق علق سبحانه كونها آيات حض التعقل كما قال أبو حيان وغيره، ولذلك على ما قيل لم يتعرض جل شأنه أنه لغير تفضيل بعضها على بعض في الأكل الظاهر لكل عاقل مع تحقق ذلك في الخواص والكيفيات مما يتوقف العثور عليه على نوع تأمل وتفكر كأنه لا حاجة إلى التفكر في ذلك أيضًا، وفيه تعريض بأن المشركين غير عاقلين، ولبعض الرجاز فيما تشير إليه الآية:وأخرج ابن جرير عن الحسن في هذه الآية أنه قال: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة فسطحها وبطحها فصارت قطعًا متجاورة فينزل عليها الماء من السماء فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها وكلتاههما تسقى اء واحد فلو كان الماء ملحًا قيل إنما استبسخت هذه من قبل الماء، كذلك الناس خلقوا من آدم عليه السلام فينزل عليهم من السماء تذكرة فترق قلوب فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو، ثم قال: والله ما جالس القرآن أحد الاقام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله تعالى: {وَنُنَزّلُ مِنَ القرءان مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82] اه قال أبو حيان وهو شبيه بكلام الصوفية.{وَإِن تَعْجَبْ} أي إن يقع منك عجب يا محمد {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} بعد مشاهدة الآيات الدالة على عظيم قدرته تعالى أي فليكن عجبك من قولهم: {أَءذَا كُنَّا تُرَابًا} إلى آخره فإنه الذي ينبغى أن يتعجب منه، ورفع {عجب} على أنه خبر مقدم و{فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} مبتدأ مؤخر، وقدم الخبر للقصر والتسجيل من أول الأمر بكون قولهم أمرًا عجيبًا، وفي البحر أنه لابد من تقدير صفة لعجب لأنه لا يتمكن المعنى طلق فيقدر والله تعالى أعلم فعجب أي عجب أو فعجب غريب، وإذا قدرناه موصوفًا جاز أن يعرب مبتدأ للمسوغ وهو الوصف ولا يضركون الخبر معرفة، وذلك كاما قال سيبويه في كم مالك إن كم مبتدأ لوجود المسوغ فيه وهو الاستفهام، وفي نحو اقصد رجلًا خير منه أبوه إن خير مبتدأ للمسوغ أيضًا وهو العمل، ونقل أبو البقاء القول بأن {عجب} عنى معجب ثم قال: فعلى هذا يجوز أن يرتفع {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} به.وتعقب بأنه لا يجوز ذلك لأنه لا يلزم من كون شيء عنى شيء أن يكون حكمه في العمل حكمه فمعجب يعمل و{عجب} لا يعمل، ألا ترى أن فعلا كذبح وفعلة كقبض وفعلة كغرفة عنى مفعول ولا يعمل عمله فلا تقول مررت برجل ذبح كبشه أو قبض ماله أو غرفة ماؤه، عنى مذبوح كبشه ومقبوض ما له ومغروف ماؤه وقد نصوا على أن هذه تنوب في الدلالة لا العمل عن المفعول، وحصر النحويون ما يرفع الفاعل في أشياء ولم يعدوا المصدر إذا كان عنى اسم الفاعل منها.والظاهر أن {أَن كُنَّا} إلى آخره في محل نصب مقول لقول محكى به، والاستفهام إنكاري مفيد لكمال الاستبعاد والاستنكار، وجوز أن يكون في محل رفع على البدلية من {قَوْلُهُمْ} على أنه عنى المقول وهو على ما قال أبو حيان: أعراب متكلف وعدول عن الظاهر، وعليه فالعجب تكلمهم بذلك وعلى الأول كلامهم ذلك، والعامل في {إِذَا} ما دل عليه قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهو نبعث أو نعاد، والجديد ضد الخلق والبالي، ويقال: ثوب جديد أي كما فرغ من عمله وهو فعيل عنى مفعول كأنه قطع من نسجه، وتقديم الظرف لتقوية الإنكار بالبعص بتوجيهه إليه في حالة منافية له، وتكرير الهمزة في {أئنا} لتأكيد الإنكار، وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين في الخلق الجديد بالفخل عند كونهم ترابًا بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له، وفيه من الدلالة على عتوهم وتماديهم في النكير ما لا يخفى. قال أبو البقاء: ولا يجوز أن تنتصب {قَبْلِكُمْ إِذَا} بكنا لأنها مضافة إليها ولا بجديد لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها وكذا الاستفهام. ورد الأول في المغنى بأن {إِذَا} عند من يقول بأن العامل فيها شرطها وهو المشهور غير مضافة كما يقوله الجميع إذا جزمت كما في قوله: قيل: فالوجه في رد ذلك أن عمله فيها موقوف على تعيين مدلولها وتعيينه ليس إلا بشرطها فيدور، ونظر فيه الشهاب بأنها عندهم نزلة متى وأيان غير معينة بل مبهمة كما ذكره القائلون به وبه صرح في المغنى أيضًا.وقيل: معنى الآية إن تعجب يا محمد من قولهم في إنكار البعث فقولهم عجيب حقيقق أن يتعجب منه.وتعقبه في البحر بأنه ليس مدلول اللفظ لأنه جعل فيه متعلق عجبه صلى الله عليه وسلم هو قولهم في إنكار البعث وجواب الشرط هو ذلك القول فيتحد الشرط والجزاء إذا تقديره إن تعجب من إنكارهم البعث فأعجب من قولهم في إنكار البعث وهو غير صحيح. ورد بأن ذلك مما اتحد فيه الشرط والجزاء صورة وتغايرًا حقيقة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «من كانت هجرته إلى الله تعالى ورسوله فهجرته إلى الله تعالى ورسوله» وقولهم: من أدرك الصمان فقد أدرك المرعى وهو أبلغ في الكلام لأن معناه أنه أمر لا يكتنه كنهه ولا تدرك حقيقته وأنه أمر عظيم.وذهب بعض إلى أن الخطاب في {ءانٍ تَعْجَبْ} عام، والمعنى إن تعجب يا من نظر ما في هذه الآيات وعلم قدرة من هذه أفعاله فازدد تعجبًا ممن ينكر مع هذا قدرته على البعث وهو أهون شيء عليه، وقيل: المعنى إن تجدد منك التعجب لإنكارهم البعث فاستمر عليه فإن إنكارهم ذلك من الأعاجيب، وقيل: المراد إن كنت تريد أيها المريد عجبًا فهلم فإن من أعجب العجب إنكارهم البعث، واختلف القراء في الاستفهامين إذا اجتمعا في أحد عشر موضعًا هذا. وفي المؤمنين. والعنكبوت. والنمل. والسجدة والواقعة. والنازعات. وبني إسرائيل في موضعين وكذا في الصافات، فقرأ نافع. والكسائي بجعل الأول استفهامًا والثاني خبرًا إلا في العنكبوت والنمل فعكس نافع وجمع الكسائي بين الاستفهامين في العنكبوت وأما في النمل فعلى أصله إلا أنه زاد نونًا.وقرأ ابن عامر بجعل الأول خبرًا والثاني استفهامًا إلا في النمل والنازعات فعكس وزاد في النمل نونًا كالكسائي وإلا في الواقعة فقرأ باستفهامين وهي قراءة باقي السبعة في هذا الباب إلا ابن كثير وحفصًا فإنهما قرآ في العنكبوت بالخبر في الأول والاستفهام في الثاني وهم على أصولهم في اجتماع الهمزتين من تخفيف وتحقيق وفصل بين الهمزتين {أولئك} مبتدأ والموصول خبره أي أولئك المنكرون للبعث ريثما عاينوا من آيات ربهم الكبرى ما يرشدهم إلى الإيمان لو كانوا يبصرون {الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ} وتمادوا في ذلك فإن إنكار قدرته عز وجل إنكار له سبحانه لأن الإله لا يكون عاجزًا مع ما في ذلك من تكذيبه جل شأنه وتكذيب رساله المتفقون عليه عليهم السلام {وَأُوْلئِكَ} مبتدأ خبره جملة قوله تعالى: {الاغلال فِي أعناقهم} وفيه احتمالان: الأول أن يكون المراد وصفهم بذلك في الدنيا فهو تشبيه وتمثيل لحالهم في امتناعهم عن الإيمان وعدم الالتفات إلى الحق بحال طائفة في أعناقهم أغلال وقيود لا يمكنهم الالتفات معها كقوله: كأنه قيل: أولئك مقيدون بقيود الضلالة لا يرجى خلاصهم. الثاني أن يكون المراد وصفهم به في الآخرة والكلام إما باق على حقيقته كما قال سبحانه: {إِذِ الاغلال فِي أعناقهم والسلاسل} [غافر: 71] وروي ذلك عن الحسن قال: إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب سبحانه ولكنما جعلت في أعناقهم لكي إذا طغا بهم اللهب أرستهم في النار، وأما مخرج مخرج التشبيه لحالهم بحال من يقدم للسياسة. وقيل: المراد من الإغلال أعمالهم الفاسدة التي تقلدوها كالأغلال، وهو جار على احتمال أن يكون ذلك في الدنيا أو في الآخرة والأول ناظر إلى ما قبل والثاني إلى قوله تعالى: {وَأُوْلئِكَ} أي الموصوفون بما ذكر {أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون} لا ينفكون عنها، قيل: وتوسيط الفصل ليس لتخصيص الخلود نكري البعص خاصة بل بالجميع المدلول عليه بقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ}.وأورد على ذلك أن {هُمْ} ليس ضمير فصل لأن شرطه أن يقع بين مبتدأ وخبر يكون اسمًا معرفة أو مثل المعرفة في أنه لا يقبل حرف التعريف كأفعل التفضيل وهذا ليس كذلك، وأجيب بأن المراد بالفصل الضمير المنفصل وأنه أتى به وجعل الخبر جملة مع أن الأصل فيه الإفراد لقصد الحصر والتخصيص المذكور كما في هو عارف.وقال بعضهم: لعل القائل بما ذكر لا يتبع النحاة في الاشتراط المذكور كما أن الجرجاني والسهيلي جوزا ذلك إذا كان الخبر مضارعًا واسم الفاعل مثله.
|